الجمعة، 9 يناير 2015

مؤيسسة فنون الثقافية/ دراسه في قصيدة عبور الإختناق هشام أيوب موسى / فيروز مخول / سوريا




الشكر الجزيل للأستاذ الشاعر والناقد هشام أيوب موسى
قراءة وأضاءة على النص ( عبور الاختناق ) الشاعرة السورية فيروز الشطآن .
***************************************************
عبور الاختناق
...................
تتهاوى
أجنحة العذاب
في بحار الضباب
طعنة طعنة
تلفظها أمواج
احتمالات الشك والثقة
تقبل رمال
الآلام على عجل
.......
لطوفان الأشرعة حديث
مع عاصفة الصمت
لا يدركها الا
مرساة
بلا حبال أمل
ومجاديف
تعاند غرق الحلم
.........
ملت حروفي الترحال
بين موانئ الوداع
زفرت آهات متمردة
تزاحمت
سفن الذكريات
توغلت
في أعماق التيه
وحدها النوارس
لم تعلن رحيلها
............................
فيروز الشطآن
هنا نقف مع هذا النص الشعري الصاعد للشاعرة السورية المتميزة فيروز الشطآن فعندما لمحت هذا النص شعرت بأن هناك شيء فيه متميز مختلف من حيث البناء التصاعدي من حيث الألفاظ والدلالات الخاصة بها من حيث تركيب المشاعر بجانب الحروف واخفاء بعضها تحت أجنحة النوارس المحلقـــة .
لقد أختارت الشاعرة السورية فيروز العنوان ( عبور الأختناق ) لتكون هنا حالة فريدة من الأختناق في مرحلة من مراحل العبور ، وما أصعب ان يصاب الإنسان بحالة من الأختناق تؤثر على كامل الجسد بالانهاك والتعب والعذاب وربما تكون النهاية الموت .
تتهاوى
أجنحة العذاب
في بحار الضباب
طعنة طعنة
تلفظها أمواج
احتمالات الشك والثقة
تقبل رمال
الآلام على عجل
هنا يمكن ان نلاحظ البناء اللفظي المتقن لهذه المشاعر التي تتهاوى تحت أجنحة العذاب حيث اجادت الشاعرة الوصف لهذه الأحاسيس ضمن توافق لفظي الذي أعطى إيقاعات وأصداء موسيقية منسجمة من الصور والتراكيب البلاغية مما يطفى على النص الشعري شفافية حزينة مؤثرة على المتلقي او القارىء .
لطوفان الأشرعة حديث
مع عاصفة الصمت
لا يدركها الا
مرساة
بلا حبال أمل
ومجاديف
تعاند غرق الحلم
هنا نشعر بقدرة الشاعرة على التلاعب بالالفاظ ضمن صورة فريدة مؤثرة جداً وابراز قوتها للتغلب على القلق حيث نشعر بهذا الحضور الطاغي للمشاعر في هذه الأسطر ((لطوفان الأشرعة حديث مع عاصفة الصمت )) هنا تشتعل العلاقة بين الشعر والشعور الداخلي الذي يهدد الكيان البشري للشاعرة وحياتها الراهنة المثقلة بالصمت وحاولت الشاعرة وضع التشبيه المناسب (( لا يدركها الا مرساة بلا حبال أمل )) فهنا نشعر بأن الشاعرة تعي هذه اللحظات الصعبة التي تمر بها من تشتت الأمل وحلم يحاول ان يطفوا على سطح القرار ، هنا ملامح ومعاني تضيء لحالة إنسانية نتحسسها ونشعر فيها ويمكن ان تكون قراءة روحية لهذا الأغتراب النفسي وضياعها في عوالم أخرى غير متوازنة غير متقاربة .
ملت حروفي الترحال
بين موانئ الوداع
زفرت آهات متمردة
تزاحمت
سفن الذكريات
توغلت
في أعماق التيه
وحدها النوارس
لم تعلن رحيلها
وفي نهاية النص نشعر بالحرقة والألم الذي ينبع من الحروف التي ملت الترحال والسفر والموانىء التي تنتظر زفرات الآهات التي تزاحمت لدخول (( سفن الذكريات )) صورة جميلة متقنة ، هنا ربما حياة جديدة عابرة فوق الكلمات فوق المشاعر لتلك النهايات الموجعة بالفقد من تسلق الذكريات قمم الذاكرة والسيطرة عليها حيث تمتلك الشاعرة مخيلة واسعة وصور خاصة بهذا التواتر النفسي وتفاصيلها الصغيرة والكبيرة ، حيث أستطاعة رسم صور فريدة تجمع فيها المعنى الحسي والذهني من اجل تحقيق العمق التصويري بكل ابعاده لتكشف لنا الصورة الداخلية التي تعاني من القلق لتشكل لها هاجس يبقى تأثيره طويلاً والتي تمخض عنها الصور الشعرية التي هي استنطاق لحالة الصمت التي تعيشها العاصفة وتوظيب الأستعارة البصرية للبصيرة المتخلية لأبراز صورة شعرية ممبتكرة متحركة تقابلها صورتين متضادين هما الواقع والرحيل والحلم والاستقرار.
الخلاصـــــة :
*********
النص هنا عبارة عن أبداع شعري غير مسبوق للشاعرة ، فيه الكثير من الرموز التي تكاد ان تتكلم فيه الكثير من الدلالات النفسية العميقة والانزياح اللغوي والتشبيهات المائزة ، فيه صوراً شعرية تكاد ان تنطق فيها مشاعر حساسة من أثر الوداع والغرق في الذكرايات ، هذا النص راق لي جداً في كل سطر فيه خيال مجنح، هنا تعانق الطبيعة مع المشاعر الإنسانية وتغليف الطبيعة بكل جمالها وقسوتها بصور شعرية رائعة وهنا محور التأويل عن رؤية العذاب والشك والثقة والألم والترحال والوداع والذكرايات حيث تعلن الأحباط ومصارعة الأحداث والمشاعر ، نجد هنا توظيف المادة الشعرية للأغراض الشعرية التي صرحت بها الشاعرة عن طريق الايحاء تارة وعن طريق المباشرة تارة اخرى ونجد هنا الألفاظ بليغة التأثير في نفس المتلقي واستعارتها رقيقة و رموزها قوية من حيث الايحاء الى الأحساس المتشكل من الترحال والغياب .. هنا لوحة فنية جميلة بكل المقايس .. أبداع .
هشام أيوب موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق