الخميس، 15 يناير 2015

مؤسسة فنون الثقافية / تحليل محمد الدمشقي لقصيدة سأفلت من قبضتك / فيروز مخول / سوريا



كل الشكر للشاعر الدمشقي الرائع ومبدع الحروف
المتألق محمد الدمشقي وهذا الإبداع بالإضاءة على
قصيدتي بعنوان / سأفلت من قبضتك /
.........................................................
إضاءة لنص الراقية فيروز مخول أو فيروز الشطآن : سأفلت من قبضتك
بقلم و اجتهاد: محمد الدمشقي :
سأفلت من قبضتك
..............................
آواه يا زمن ...
أبجدية الخوف
يا صخرة بحجم البؤس
يا من أبحت .....
اعدام الظلال
هيجت ... مواجع الجبال
هللت للفجر ....
فبكى الندى الأخرس
..........................
خيالاتك ....
ليست على مقاس قلوبنا
صدى نحيبك
اخترق مسامعنا
نسائم ويلاتك ...
أشابت الأطيار في أعشاشها
ثغرك .... مرسوم
ضحكتك ... ممسوسة
عيناك .... جاحظتان
لا يغزوهما النعاس
.............................
ترجل ....
عن صهوة مراياك الباهتة
اغمد ... سيف آلامك
ضع أكاذيبك
على الرفوف المنخورة
اسقط ...أعرافك
في بوتقة النسيان
...................
مهما .... تغيرت
ملامح الروح
وخاب الأمل
برائحة التراب
لن أبقى .... تحت وطأتك
سأفلت .... من قبضتك
.......................
خدودي وردية
يداك .... وصمة عار
ربيعي ... قوس قزح
ربيعك....ضرير
سيحفر الخريف
حفرة لرفاتك
جتما ستمر العاصفة
ونلتقي عند مفترق السبل
أكشف للشمس ...... عريك
..................................
فيروز مخول
عندما تكون القصيدة الرمزية سلسة تمنحنا قدرة على الرسم أكثر و التحليق نحو سماوات أوسع و أبعد
هكذا الرمزية في مدرسة الشعر السورية التي تعتمد البساطة العميقة و السهل الممتنع و هذه طريقتي في الشعر و كذلك هي طريقة الرائعة فيروز الشطآن التي تمتلك حرفا رمزيا سلسا دون غموض مبالغ فيه و لا استعراض لغوي متكلف
تعتمد فيروز على الفكرة مرافقة للشعور الذاتي مما ينقل البوح من الخاص نحو العام بأسلوب سلس يحتاج فقط لقارئ عميق
في هذا النص تتحدى فيروز الزمن و ليس أي زمن بل زمن الضباب و الظلام الذي يسعى ليسيطر على عالمنا و خاصة بلادنا اليوم
زمن أبجدية الخوف ... و أسطورة الرعب و الظلام و الهمجية ...زمن القلوب القاسية و الصخور التي تتكسر عندها الأحلام و البسمات
هم أناس زرعوا الأحقاد و الكراهية و الفرقة و الظلام أباحوا إعدام الظلال و الظلال جزء من الإنسان مرتبط بالنور فلا ظل دون نور و هنا رمزية رائعة اعتمدتها فيروز لتقول : يا من أبحتم إعدام النور بطريقة ذكية و غير مباشرة
ثم تنتقل لملمح رمزي رائع آخر فتقول : هللت للفجر فبكى الندى الأخرس و هي ترمز للشعارات الرنانة التي يحملها الكثيرون بحجة أنهم رعاة الفجر القادم و هم يقتلونه و يكممون أفواه الزهور حتى بكى الندى و هو أخرس بسبب قسوتهم و ظلمهم
و في المقطع الثاني تضعنا فيروز أمام فكر هؤلاء العابثين و خيالهم المريض و ضحكاتهم الشريرة و أكاذيبهم التي لم تدخل عقولنا و لا قلوبنا و لا تمت بصلة لفكرنا و واقعنا و طموحاتنا و أحلامنا و كأنه وحش بعينين جاحظتين يتأملنا بكل وحشية و قسوة
و في المقطع الثالث تخاطب فيروز هؤلاء فتقول :
ترجل ....
عن صهوة مراياك الباهتة
اغمد ... سيف آلامك
ضع أكاذيبك
على الرفوف المنخورة
اسقط ...أعرافك
في بوتقة النسيان
تطالبه بالترجل عن كذبه و غروره و أن ينظر للمرايا الحقيقية التي تعكس صورته البشعة و تقول له أغمد سيف حقدك و أكاذيبك المكشوفة و قوانينك البائسة المريضة التي لن نقبلها و لن تمثلنا أبدا و لا يقبلها عرف و لا عقل و لا دين
و في المقطع الرابع تعطينا فيروز ملمحا رائعا تقشعر له القلوب فتقول بكل روعة :
...................
مهما .... تغيرت
ملامح الروح
وخاب الأمل
برائحة التراب
لن أبقى .... تحت وطأتك
سأفلت .... من قبضتك
الله الله ما أروعه من مقطع ففيروز هنا تقول : مهما خاب ظني بوطني و مهما اختلفت مع أبنائه و مهما كثرت معاناتي فيه سأبقى متمسكة بترابه و بهويتي و أصالتي و لن أغرق في وحولكم يا دعاة الظلام و التخريب و القتل فأنا حرة أبية محبة للوطن و لن تخون ذرة من هذا التراب لأجل شعارات واهية و مصالح خداعة
و تختم فيروز بمقطع رائع فيه التحدي و الإباء و الإصرار فتقول :
خدودي وردية
يداك .... وصمة عار
ربيعي ... قوس قزح
ربيعك....ضرير
سيحفر الخريف
حفرة لرفاتك
جتما ستمر العاصفة
ونلتقي عند مفترق السبل
أكشف للشمس ...... عريك
سيبقى الورد و الحب في وجهي و في قلبي
ستبقى أرضنا مشرقة بهية و الربيع الحقيقي ربيعنا نحن و ليس ربيعكم الكاذب المزعوم
و ستزهر المنى و سينتهي الخريف بتساقط أوراقكم المكشوفة و سيكون مصيركم الفناء و سيكشف العالم كله حقيقتكم السوداء
نص سياسي وطني إنساني رائع صاغته فيروز الشطآن أو فيروز مخول شاعرتنا السورية بكل عمق و ذكاء و بطريقة شعرية عملاقة غير مباشرة و رسمت لنا ملامح راقية لقصيدة النثر الحداثية الرمزية
التي تعتمد عمق المعنى و سلاسة المفردة و تفتح بابا للفكر من خلال الصور المحلقة و الاندماج مع الطبيعة و الإسقاطات الراقية جدا ناهيك عن الجو الموسيقي و تكثيف العبارة في النص بطريقة أكثر من رائعة
أعتبره نصا يستحق الخلود يا فيروز
دمت رائعة و تحية لحرفك الراقي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق