السبت، 27 ديسمبر 2014

مؤسسة فنون الثقافية / قصيدة / صخرة بحجم البؤس / عبد اللطيف الرعري /





صخرة بحجم البؤس رقصت
فأبكت مواجعها الجبال
هلّل الصبح بعمقها فانفردت بالضجر
أجتثث شجيرات على ملمسها
فأباحت قتل الظلال
شابت الطيور في مرقدها
وعرت مناقيرها الرياح
حكى الهزار سلوى الليالي بلحن الشوق
فبكت بقربه الحمام
وصلّى على الصخرة ركعة للسلام فمات...
وتحجر خاتم عنقه المذهب فيها
جربناك أيتها الصخور على مقاس قلوبنا
فكان صمودك ألفة...
وكنا منخدعين...
سرابك أخرس وطنين صداك
لا يستهوي مسامعنا
نصف خيالك بارد مثلج
وثغرك لا يبتسم ...
وحدها عيناك لا تنام جاحظة
حتى أركب النسيان
وأكسر المرايا الباهتة بأقدامي
فعرض نخلتي لا يتسع لرؤاك
ولا ضحكتك الممسوسة بالحمق تجعلني
تحت وطأتك
عثرات الرصيف حيلتي لأطبطب على ظهرك
وأمر مازحا هرولتي لفك كمش اليدين
شكري للمولى بلا حساب ...
انفلاتي من قبضتك تذكرة مرور مفتوحة
الى هوسي...
واحتي رمل ونخيل فلا مكان لك
وجْنتي ورد أحمر ويداك لا ترحم
حتما ستمر العاصفة ولن تحمل صخرا
فموعدها اليوم سكون الوادي
حتما سنلتقي في مفترق السبل
ونكشف عرينا للشمس
فمن قدره يلهمه جمع الشتات؟
ومن عصمته تؤثث له البيات على حافة الغدير ؟
قد يشفق الوحل لتيهك الضرير
ويحفر في حصاك بئرا للجرذان
لكن هيبتي تسكرني نسمة التراب
وتردني لطفولتي عاشقا للحلم...
لونك الباهت ايتها الصخور وصمة عار
ومهما تغيرت ملامحي فالوردة تكسيني
ومهما خاب أملي فأهلي يداوون الجراح
لما شدو البلابل يلهمني بالبوح...
وتحمرّ خدودي خجلا من الربيع
يكون الخريف قد هيأ لك حتفا في عراك
ولا البكاء يريحك...
ولا العويل يزن العذاب .

عبداللطيف رعري
عويل الصخور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق