الجمعة، 21 نوفمبر 2014

مؤسسة فنون الثقافية / المنهج والصورة الشعرية / نقد / علي الزبيدي / العراق





الشاعرة فاطمة منصور))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المنهج والصورة الشعرية والمتلقي)
استهلال....
من يحاول أن يبحر بين مفردات الشاعرة فاطمة منصور سيجد عالم غريب. وأسلوب مميز يشد المتلقي إلى متاهات النص التي تأخذه بعيدا عن قيود الرتابة التقليدية للشعر . التي تعود عليها برصف المفردات .كما اعتاد أن يمر بها على صفحات التواصل الاجتماعي .ليحاكي عالم افتراضي لم يلتزم بقانون محدد أو هوية أنتمائيه لمسار هادف .إلا ما ندر ...عند مروري على قصائد الشاعرة القديرة . استوقفني ردود وتعليقات المتصفحين المتباينة
بدأ السؤال يلح عليَّ ..لماذا تتباين الردود .وما نوع تأثيرها على المتلقي؟.ومن خلال تشابك الاجابات لدي قادتني إلى مرتكز استخدمته الشاعرة من خلال هاجسها القوي كونها هي المعنية أولا وشاعره بالتقاليد المفروضة قسرا أكثر من غيرها ..لسجن البوح وحتى الترميز.فكيف بالتصريح والتقرير النصي لحاله إنسانية نفسيه ملحه ..عندها قررت أن تجعل نصها احد لافتات المطالبة والعلاج لمجتمع عاش على تعتيق الوجع حتى نمى واستشرى فانتج امراض خطير اخذت تنخر بالبنيه الاجتماعيه.وهو الراكض خلف التبجح بالوعي والثقافه لا يدري انه يحمل من امراض النفس ما يحمل .مما رسخت فيه العادات الموروثة التي اصبحت السمه الاساسيه لشخصية الفرد الشرقي ألا وهي (العيب) المبالغ فيه .حتى وأن شكى الجوع فهذا(عيب). وأن تدير المرأة وجهها الى الجدار عند الأكل في الاماكن العامه ..لا زالت هذه التقاليد تعشعش في عقولنا بالرغم من وجود أماكن مختلطه للجنسين (المدارس.المعاهد..الكليات..وبعض الكازينوهات) تبقى دواخلنا وتصرفاتنا تقرر ان ثقافتنا تلقينيه ممنهجه كما رسموها لنا ولم يراعوا أنسانيتنا كبشر بل مكون تزق به المعلومات الجاهزه..اصبحنا عندها من خلال الواقع والامعقول في صراع اظهر حالة التناقض في شخصيتنا .أصبحنا ننظر للحق الطبيعي كأنه (طبق ثريد) ما ننتهي منه حتى نغسل أيدينا لا أكثر..رحم الله الشاعر نزار قباني يقول(أنا لا أفكرُ فيكِ تفكير العشيرة بالثريدْ)
هكذا نحن ولندع التكابر والتثاقف جانباً ولنكن صادقين على الاقل مع أنفسنا وضعت الشاعرة يدها على هذا الهاجس حامله معها هم مجتمع هي جزء منه مأثرة ومتأثرة فيه .فكانت الرائده لسبر غور المتلقي وفهمه على حقيقته كي تبدأ أسلوب ألمعالجه وتفكيك منظومة الخوف .أنها الرائدة الاولى بين بنات جنسها شعراً بحق لقوة التصريح بشتى اساليبه .في مجتمع ينظر الى الحق الطبيعي على أنه (عوره)وفق منظومه أعدت مسبقاً متناسيه أنسانية الانسان ومحاكاتها فكفنوها حيه ب(ألعوره) تعاملوا على انها مخلوق ادنى .هنا بدء التدافع الفكري عند اول منعطف لحرية إنسانية الانسان لدى الشاعرة
القراءة.......
(على جسر الحب
سأنثر الياسمين
انتظر قدومك الى
موعدنا)
جسر الحب...التواصل الروحي غير المحدد بمكان ...تعانق المشاعر الانسانيه وانعدام عقارب الساعه..أيُّ زمن حدد الموعد وأيُّ مكان .المكان موهوم والزمن كذلك ..التفاته ذكيه من شاعره متمكنه في استخدام ادواتها الشعريه لا تريد ان تحجم النص متجاوزه الزمكانيه حتى يستوعب عملها اللامكان واللازمان ليسافر عبر اللامتناه .فتقرر ذلك
(قلوبنا هائمه
حلقت مع النجوم
كتبت بالازهار النديه
فرحة لقائنا
لم يبق في القلب
نبض إلا هتف لقدومك وحبك)
(الهيام)يتلاشى عنده الشعور بالموجودات التي حوله هو حاله من حالات الجنون في الحب .التقرير لحد الان عام لا تصرح بمن هام القلب انه المتلقي(الموهوم) عندها اقتلع الخطاب من مكانه الأرضي
ليحلق عاليا مع النجوم سابحا في فضاء الحلم الوردي .هل نستطيع أن نقول ان الخطاب اصبح ابعد من المحسوسات..أي خطاب كوني عام أم خرج عن المحسوس المادي ليحاكي المحسوس الروحي فالجمال لدى الشاعرة واضح لا يغيب عن عين المتلقي اللبيب هو صورة الفرح الذي خطته حروف الشاعرة ..فرحة اللقاء..النجوم الازهار النديه ..لم يبق نبض إلا هتف لحبك..ترميز عالي يفككه خيال المتلقي الحاذق ليستظهر جمال لوحاته ..كل هذه اللوحات أهديها(لقدومك ولحبك)تصاعد نصي بفرحة اللقاء نرتقي معها الى الهيام في تشابك الصور والمشاعر نستشعر من خلالها بأننا نحن المخاطبون .عندها حولت المتلقي لا شعوريا الى المتلقي المقصود أيهاماً منه بذلك ..هنا قوة الاسلوب المدروس الهادف لمسار قررته الشاعره مسبقاً بعيداً عن ألإنتاج العبثي واستهلاك المفردات ..
(زفت ساعة العودة
ولم تأت
أرتسمت ملامح الحزن
على وجه القمر
خجلت النجوم
مني
وانكفأت العصافير
عن شدوها
وأطبق الصمت
في المكان
وعدتُ ادراجي
أُلملم خيبتي)
تفاجئ الشاعرة المتلقي بعتب مر يوقظه من حلمه الافتراضي الجميل ليجر معها (كونها أذابته في النص)أذيال الخيبة والانكسار
بانطفاء ألق الفرح ورقص النجوم الذي أصابها الوجوم والصمت المطبق لعدم الوفاء بالعهد(الموعد) تصوير بليغ وجميل مفعم بمدلولات الفرح الذي أعقبه الحزن والأسى .المرور السريع لحالة الحزن الذي اكتفت ألشاعره فيه بخجل النجوم وارتسام الحزن على وجه القمر عوضت عنه بصوره بليغه ملفته للنظر وهي(أنكفاء العصافيرعن شدوها)والانكفاء الانقلاب من الشيء الى ضده.عندها تخيل ماذا ارادت ان تقول(عكس الشدو النوح)يا ست فاطمة صمتك مخيف لحد الهلوسه من خلال مدلولات الصور الحزينه المتراكمه وكأنه صمت القبور لكن بصوت النواح لم أقرء ان العصافير ناحت سوى في صورك يالكِ من مبدعه ورائعه عرفنا ان الحمام ينوح تفرد بها الشعراء (أقول وقد ناحت بقربي حمامة...أيا جارتي هل تشعرين بحالي)اما انت اول من جعلتِ العصافير تنوح ..فهي سابقه لكي أهنئك على توليد هذه الصوره وأهنئ نفسي باقتناصها..هنا صور رائعه ومذهله لمدلول عدم الوفاء بالموعد..لم تناور الشاعره ولم تستخدم الحشو او الاسفاف وضغط الجمله هروب من المدلول وتعليقه على شماعة الحداثه.بل لملمت خيبتها ورحلت لتترك لكَ التقيّيم وعمق الموقف...تحياتي لشاعرتنا المبدعه...
بقلمي
علي حمادي الزبيدي
العراق...20\11\2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق