الجمعة، 31 أكتوبر 2014

مؤسسة فنون الثقافية / وداعاً يا كتابي / قصيدة / الكاتب فتاح خطاب /







وداعاً.. يا كتابي
.
للكاتب المسرحي : فتاح خطاب
.
.
لا تحزن..!
ها أني أتركك كما يُترك لقيط جميل ومنبوذ
على رصيف الشارع
في مدينة ناسها لا تقرأ ولا تحبذ وجع الرأس
بالقيل والقال
إنهم يفضلون السجود والركوع والامتثال
بكل خشوع وإجلال
لأولياء نعمهم الاشرار
لا يجيدون غير لغة الدم والدمار
ولا يستسيغون الكلام
إلآ عن الحرام والحلال
فلا تحزن..!
أتركك بعد كل تلك المعانات
والأسفار التي لاتنتهي
بحثاً عن كل جدّ وجديد
ولشدّة ما تشبثت بالتجديد
غدوت أنا نفسي من المُعَتّقات
لا تحزن..!
أتركك لوجه الله والحقيقة
بالمجان
إذ أرفض المتاجرة بمقدساتي
كما كنت في سابق عهدي
وزهدي في الحياة، عدا الخمر والسيجار
والوجه الحسن، على ما أقوله شهيد
لأجلك
جعتُ حد الكفر
سهرت حتى مطلع الفجر
تخاصمت، طُردتُ، قاتلتُ، ترحلتُ
تشردت في مدن لا تغيب عنها الشمس
وهي تلوّح مكرهةً
ودُفنت في ثنايا ثلوج مدينة تبخل عليها الشمس
بضوئها.. فتُعبد عبادةً
وفي كلا الحالتين كنت التجئ الى احضان الطبيعة الاُم
أفكّ لغزها السهل الممتنع وأرهف السمع لنداءاتها
فأنطلق بحثاً عن نصفي الآخر، لأرفع رايتي بين التفاحات
بيضاً كانت كالثلج او سمراء كالقهوة اليمنية
ولكي لا أقع في جحيم (رامبو) فاُخذَل أمام التاريخ
وألآ أكون من قتلة (اولوف بالما) فأخترت مبادلة الحب
اسلوباً لحياتي و وفاءً لنصفي الجميل
دونما تفريق او تمييز فيما بين اللغات
وما دمت إنساناً، فكل الناس مني
وأنا منهم. غير آبه بالخرافات
ولأننا من ساكني هذه الارض الحبلى بالتنبؤات
ستبقى في نظري كل التفاحات متشابهات، مشتاهات
بغض النظر عن المعتقدات والاصوليات
او القبليات العصبيات
وأما بنعمة الطبيعة الاُم فحدِّثْ!
إذ نحن منها وإليها سنعود
فلا تحزن..!
لأنك الابقى والاجدى
من كل مخلوقات الدنيا والآخرة
والأجر على الله اولاً وآخرا
وعزائي الوحيد هو أنني تركتك من بعدي
شاهداً، مستشهداً..
فلا تحزن.. يا كتابي
سيكون عمرك أطول من عمري المسروق
من قبل طغاة صغار
نفوس صغار
عقول صغار
وسراق كبار، كبار
سراق الفرح
سراق الأمل
سراق الحياة
لم يفقهوا سر الوجود
ولم يفهموا بأن ( أنين الناي يبقى
بعد أن يفنى الوجود )
فرجائى ألآ تحزن!
أقلًها كنا أعقل من جلجامش
الذي طفق يبحث عن عشب الحياة
فخسر الرهان وعاد بخُفيّ حُنين
أمّا الحياة ذاتها قد جعلتني أهتدي إليك
لاُدلي بشهادتي عن الناس والحياة
وها أنت الآن تشق دربك وحيداً
لتبشّر الناس بحكاياتي..
بكلمات نابضة، دافئة كلحظة حب
لم يألفها ولم يقلها أبناء جلدتي
وتلك هي سر بقاءك
فلا تحزن!
قد تُحبس في حجرة جاهل طفيلي زمناً
قد تَقبع في غُرف المُهملات زمناً
قد يتحفظ عليك مثقف أناني زمناً
قد يخفونك عن الانظار
او يلقونك في أتون النار
او يمنعونك عن الإصدار
او ينفونك فيما وراء البحار
فلا تحزن..!
لأنك ستعود ذات يوم مجدداً
رغم كل العواصف والاقدار
ستشقّ أمامك كل الحدود والسدود
وستكتسح كل الخطوط الحمراء
ستعود لتحيا بأبهى صورك
لأحيا معك
وستعبر الجبال والصحارى والانهار
ستهبط في عواصم جديدة
وستُبعث في أجواء جديدة
مع اناس جدد
لا يفقهون سوى لغة الحب والإيثار
لا يعرفون سوى جمالية الفن والادب الرفيع
والرقص والضحك والغناء على أنغام القيثار
حينئذ ستستريح بين أيد أمينة
يخافون عليك من بلل الامطار
من عبث اطفال صغار
من فضولية قططهم الأليفة
او من رماد السيجار
سيمسدّون بأناملهم الرقيقة وجهك المشرق
لكي لا تُثار
فلا تنغر..!
إن رأيت إشراقة دمعة في عيني راهبة
او ممثلة مستجدة
لا تنغر..!
إن ذُكر إسمي في مهرجانات أُممية
لا تنغر..!
إن وجدتني بعد عصور وعصور
بين جميلات الازمان والدهور
وأنا اُصفق ل ( فالانتاين ) لإجادة دورها وحسب
او حتى إن قبّلت ( انتيجونا، ازميرة، آفروديت، آزادة
جولالة، يولدز او أستير) *
وذلك لإجادة دورهن، لاغير
فرجائي آلآ تنغر!
ثم ما شأنك
قد أرقص سامبا او صلصة برفقة كاترينا اوسوزان
قد أنشر يداي وسع الفضاء
على أنغام ثيودوراكس، مثلي كمثل زوربا
غارقاً في عيني فينوس الزرقاوين.
وعلى أنغام صالح ديلان أستسمح
لأدبِّك تحت ضوء القمر مع بنات أفكاري.
واحدة تلو الاُخرى..
لا.. لا تقل: أرى إن ربك يسهل لك الامور حسب رغباتك!
بل قل إن ربك يُعوض لك ما فقدت من عمرك الجميل
وما حُرمت منها في حياتك!
قل: ربي زدني علماً، فناً ، أدباً وجمالاً.. لا جهماً ولا جهلا
وأرزقني بأولاد كتب صالحين!
آمين يا رب العالمين.
آمين.
.
الأسماء التي وردت , هي أسماء شخصياتي المسرحية
ضمن كتبي المطبوعة أصلاً..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق