الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014

مؤسسة فنون الثقافية / البحتري وجمال الوصف / مقال / رئيس التحرير / لميس العفيف

البحتري وشعر الجمال والوصف
هو أحد الشعراء المشهورين بالعصر العباسي، اسمه كاملاً الوليد بن عبيد بن يحيي الطائي أبو عبادة البحتري، يقال عن شعره " سلاسل الذهب" وذلك نظراً لجودته، كان البحتري واحد من ثلاثة من أشهر شعراء العصر العباسي وهم المتنبي وأبو تمام والبحتري.
سئل أبي العلاء المعري ذات يوم عن أي من الثلاثة السابقين أشعر من غيره في الشعر فكان رده " أن المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر هو البحتري".
النشأة:
ولد البحتري عام 206هـ - 821م بمنبج بالقرب من حلب وتلقى فيها علومه في الدين واللغة والأدب، والبحتري يمني قحطاني من ناحية أبيه وعدناني من ناحية أمه، عشق الشعر وعمل على تدعيم هذا العشق بحفظ أشعار الأقدمين والتدرب على النظم الجيد للقصائد الشعرية.
وإمعاناً في صقل موهبته الشعرية رحل البحتري إلى حمص حيث كان أبو تمام فقام بعرض شعره عليه وتقرب إليه ليتعلم منه وكانت من نصائح أبو تمام إليه أن قال له: " يا أبا عبادة، تخير الأوقات، وأنت قليل الهموم، صفر من الغموم .. فإذا أردت النسيب فاجعل اللفظ رقيقاً والمعنى رشيقاً وأكثر فيه من بيان الصبابة، وتوجع الكآبة، وخلق الأشواق، ولوعة الفراق،انتقل البحتري بعد ذلك إلى بغداد واتصل بعدد من الشعراء مثل دعبل الخزاعي، ابن الرومي، علي بن الجهم، ابن المعتز، ابن الزيات، ابن طاهر.يقال عن البحتري انه نشأ فقيراً وتوفى غنياً وذلك نظراً لكونه مثل باقي شعراء عصره سعى للتكسب بشعره فقام بمدح الخلفاء والوزراء وغيرهم ........ أسلوبه الشعري:
تناول البحتري في شعره المدح والرثاء والغزل والحكمة والهجاء وإن برع في الوصف، فقد تمكن من أدوات التصوير والوصف واستعان بالألفاظ المعبرة والمصورة لكل ما يراه ويحسه.
هَذي الرِياضُ بَدا لِطَرفِكَ iiنَورُها
فَأَرَتكَ أَحسَنَ مِن رِياطِ السُندُسِ
يَنشُرنَ وَشياً مُذهَباً iiوَمُدَبَّجاً
وَمَطارِفاً نُسِجَت لِغَيرِ المَلبَسِ
وَأَرَتكَ كافوراً وَتِبراً iiمُشرِقاً
في قائِمِ مِثلِ الزُمُرُّدِ iiأَملَسِ
مُتَمايِلَ الأَعناقِ في iiحَرَكاتِهِ
كَسَلَ النَعيمِ وَفَترَةَ iiالمُتَنَفِّسِ
مُتَحَلِّياً مِن كُلِّ حُسنٍ iiمونِقٍ
مُتَنَفِّساً بِالمِسكِ أَيَّ iiتَنَفُّسِ
قال في الربيع:
أَتاكَ الرَبيعُ الطَلقُ يَختالُ ضاحِكاً
مِنَ الحُسنِ حَتّى كادَ أَن iiيَتَكَلَّما
وَقَد نَبَّهَ النَوروزُ في غَلَسِ الدُجى
أَوائِلَ وَردٍ كُنَّ بِالأَمسِ نُوَّما
يُفَتِّقُها بَردُ النَدى iiفَكَأَنَّهُ
يَبُثُّ حَديثاً كانَ أَمسِ مُكَتَّما
وَمِن شَجَرٍ رَدَّ الرَبيعُ iiلِباسُهُ
عَلَيهِ كَما نَشَّرتَ وَشياً iiمُنَمنَما
أَحَلَّ فَأَبدى لِلعُيونِ iiبَشاشَةً
وَكانَ قَذىً لِلعَينِ إِذ كانَ iiمُحرَما
من قصائده الشهيرة القصيدة السينية والتي قالها عندما قام بزيارة إيوان كسرى، فأسترجع فيها حضارة الفرس في وصفه لهذه الدولة التي كانت بها قوة عظيمة ثم اضمحلت فقال فيها:
صُـــنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفسي
وَتَرَفَّعــــــــــتُ عَن جَدا كُلِّ iiجِبسِ
وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني iiالدَهـر
التِماساً مــــــــــِنهُ لِتَعسي وَنَكسي
بُلَغٌ مِن صُبابَةِ العَيشِ عِـــــندي
طَفَّفَتها الأَيّـــــــــــامُ تَطفيفَ iiبَخسِ
وَبَعيدٌ مابَينَ وارِدِ iiرِفَـــــــــــــــهٍ
عَلَلٍ شُـــــــربُهُ وَوارِدِ iiخِـــــــمسِ
وَكَأَنَّ الزَمانَ أَصبَحَ iiمَحــــــمولاً
هَواهُ مَـــــــعَ الأَخَسِّ iiالأَخَــــــــسِّ
لَو تَراهُ عَلِمتَ أَنَّ iiاللـــــــــــَيالي
جَعَلَت فيهِ مَأتَماً بَعدَ iiعُــــــــــرسِ
وَهوَ يُنبيكَ عَن عَجائِبِ iiقَـــــــومٍ
لا يُشابُ الـــــــبَيانُ فيهِم بِلَــــبسِ
وَإِذا ما رَأَيتَ صورَةَ iiأَنطـــــاكِيَّة
اِرتَعـــــــتَ بَينَ رومٍ iiوَفُـــــــــرسِ
وَالمَنايا مَواثِلٌ وَأَنوشَــــــــروان
يُزجي الصُفوفَ تَحتَ iiالدِرَفــــــسِ
في اِخضِرارٍ مِنَ اللِباسِ iiعـــــَلى
أَصفَرَ يَختالُ في صَبيـــــغَةِ iiوَرسِ
وَعِراكُ الرِجالِ بَينَ iiيَــــــــــــدَيهِ
في خُفوتٍ مِنهُم وَإِغمـاضِ iiجَرسِ
مِن مُشيحٍ يَهوى بِعامِلِ iiرُمـــــحٍ
وَمُليحٍ مِــــــــنَ السِنانِ بِتُـــــرسِ
الوفاة:
توفى البحتري بمنبج عام 284هـ - 897م، بعد أن ترك ديوان ضخم، وكتاب الحماسة على مثال حماسة أبي تمام قام فيه باختيار الشعر من ستمائة شاعر أكثرهم من الجاهليين والمخضرمين، وجعله في ثلاثة أبواب
رحم الله الشاعر البحتري سيد الوصف والجمال إنها وقفة ولاء وحب لهذا الشاعر البهي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق